يمثل اليوم الوطني ليس فقط استعادة لذاكرة خالدة من الجهود والمسيرة النبيلة ورجال عظماء نسجوا هذا الكيان الأخضر، بل وليؤكد أيضاً على عهد غير مكتوب يتم تجديده داخل كل ابن من أبناء هذا الوطن المعطاء نحو التزام بالمبادئ الكريمة والقيم الفاضلة التي بنى عليها المؤسس -تغمده الله برحمته- جهوده لتثبيت أسس هذا الكيان.
بالأمس أكد صاحب السمو الملكي وزير الداخلية بعض ما يريده هذا الوطن من أبنائه، وهو أن يكون الاحتفاء باليوم الوطني، في إطار شكر الله -سبحانه وتعالى- على هذه النعم وهذا الأمن وهذا الاستقرار، والحرص على تنفيذ تعاليم دينه الحنيف، ولا ينبغي استغلاله بالفوضى أو بما هو غير لائق.
إن الذكرى الثانية والثمانين تأتي لتؤكد على سجل أكبر من الإنجازات على كل المستويات وكلها تتكئ على الأساس الأهم الذي تقوم عليه المملكة العربية السعودية وهو تطبيق الشريعة الإسلامية الغراء، وهو المنهج منذ المؤسِّس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله- ومضى عليه الملوك من بعده حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
إن تحديد المسؤولية نحو هذا الوطن في ظل هذه التحديات في هذا الزمن الصعب، من أبرز ما يجب تذكره مع كل مرور لليوم الوطني، تلك المسؤولية الملزمة للصغير والكبير، تلك المسؤولية العظيمة التي تشمل كل المكتسبات الأمنية والوطنية، وتحويل الولاء والانتماء لسلوك فاعل لا يستهين بأقل عمل قد يبدأ مثلاً بعدم رمي المخلفات وصولاً للتضحية في سبيل ترابه وكرامته.
كما أن من الوفاء للوطن تذكر جهود قادته وكل ما يبذلون من جهد للمحافظة على أمنه وقوته، وهو أمر يتجلى من خلال استشعار كل الصعوبات في سبيل ذلك، وهو أمر يقول عنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، واصفاً بعض سيرة والده المؤسس: "التاريخ إذا كان منصفاً سيتذكر أن ذلك الرجل (الملك عبدالعزيز) صنع شيئاً مهماً في التاريخ العربي، إنني أستذكر أنه عندما كان يروي لنا قصص توحيد أجزاء المملكة، فإنه كان يحدثنا عنها ونحن على موائد الخير التي تدفقت بفعل الاستقرار، لقد حارب الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ومعه رفاقه ببطون معصوبة بالحجر حتى لا يشعر هو وجنوده بالجوع، لكنها عزيمة الرجال".
إن الواجبات التي يجب التذكير بها أيضاً في هذا اليوم الأغر، واجب كل معلم وكل مواطن في هذا الوطن أن يتذكر في هذا اليوم واجبه في غرس تلك القصص ودلالاتها وعبرها في ذاكرة الأجيال الجديدة ما يؤسس لقيامها بدورها غداً في قيادة الوطن نحو الحفاظ على منجزاته وقدراته.
إن هذا اليوم الأغر يأتي في زمن مشرق وفي زمن تواصل فيه المملكة دورها الإسلامي والعربي بشكل فاعل أشاد به العالم كله. وهذا هو مصداق منهج واضح، يقولها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله: "إننا، عربا ومسلمين.. مسؤولون كل المسؤولية أمام الله.. ثم أمام الأمة والتاريخ.. عما نشهده من عدوان على الحق.. واستهانة بالحقيقة.. واغتصاب للحقوق.. وإن السبب في ذلك.. يعود بشكل أساسي إلى هدر قوانا في معارك جانبية.. وخلافات هامشية.. وانشغال بعضنا ببعض في لحظات الحسم.. ما يعطي الفرصة لأعدائنا.. وللقوى الكبرى.. لتحقيق مصالحها ومخططاتها على حساب مصيرنا".
ولعل من أبرز ملامح التحدي الذي نجحت فيه المملكة وينبغي النظر له بإعجاب في هذا اليوم الأغر هو كسب التحدي في ربط الوطنية بالإسلام، وكذلك تأكيد شراكة المواطن في المسؤولية وغلق الباب أمام المزايدين.
إن مرور 82 عاماً من المنجز على كافة المستويات لجدير بالنظر لجوانب عديدة فيه وخصوصاً في مرحلة تمر بالكثير من المتغيرات التي تنشأ فيها وتتغير حكومات وتبقى المملكة بفضل الله ثم بقيادة حكيمة تتكئ على الإسلام بشريعته الغراء شامخة عالية وهو تحد ليس بالبسيط ولا السهل. ومن ذلك كله يجب أن يستوعب أبناء الوطن الهمة والعزيمة لمواصلة العمل والعطاء للرقي وطنًا وشعبًا وأمة.
كما أن مما يجعل من هذا اليوم أيضاً فرصة للفخر بالقيادة والمنجز هو تلك الشهادات التي تتدفق من كل مكان، عربياً وعالمياً لتؤكد حقيقة المكانة الكبيرة التي تحتلها المملكة.
تقول "السياسية" الكويتية ضمن كلمة لها عن اليوم الوطني 82: "اليوم الوطني للسعودية... شهادة مجدٍ في ضمير التاريخ..لا تمر مناسبة إلا وتشهد مسيرة الملك عبدالله مبادرة إنسانية أو إنمائية أو حضارية تزيد من رصيد محبة شعبه والشعوب العربية والإسلامية له, وتزيد من مكانة المملكة دولياً, وليست مبادرة مركز التقريب والحوار بين المذاهب الإسلامية التي توج بها خادم الحرمين قمة منظمة مؤتمر التعاون الإسلامي التي عقدت في مكة أخيراً, إلا خطوة حضارية جديدة في هذه المسيرة المتميزة".
وصولاً إلى قولها: "يكتب التاريخ بحروف من نور الدور الذي يقوم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود تجاه القضايا المعاصرة ومساهمته واهتمامه بها, فعلى الصعيد الإسلامي لقيت قضايا الأمة الإسلامية وتطوراتها النصيب الأكبر من اهتمامه...".
أما الدبلوماسي الكويتي السابق الكاتب أحمد الدواس فيقول: "تتبوأ السعودية مركزاً هاماً بين دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، وعلى الصعيد العربي بوجه عام، وعلى دول المجلس أن تنسق سياساتها الإقليمية والدولية بالتعاون معها، فقد كان الأفق السياسي للسعودية بعيدَ النظر".
أما الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، فيقول: "لقد بقيت سياسة دعم العمل الإسلامي والسعي لجمع شمل المسلمين سياسة سعودية راسخة في جميع عهود القادة السعوديين عبر سنوات طويلة، وتأكدت هذه السياسة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز".
وأضاف أوغلو أن "الأمة الإسلامية أدركت، من خلال ما أطلقه خادم الحرمين الشريفين من مبادرات، وما بذله من جهود، حرص المملكة الدائم على أن تكون في طليعة المدافعين عن القضايا العادلة للعالم الإسلامي، ووقوفها بثبات صادق إلى جانب أشقائها المسلمين، تناصرهم وتتقصى سبل رفعتهم وتقدمهم، وتساعدهم بسخاء وكرم وأريحية".
في حين يقول السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشؤون فلسطين والأراضي المحتلة: عندما نتحدث عن المملكة العربية السعودية فإننا نتحدث عن دولة تشكل ركنا أساسيا من أركان الاستقرار ليس في منطقة الشرق الأوسط بل في العالم استناداً إلى مكانتها الإقليمية ثم بشعبها الذي يتكئ على تراث واسع من الحضارة , فضلاً عن دورها الرائد والمميز في الإسلام الوسطي البعيد عن التطرف والمتسامح والإنسانى, وهي كلها سمات يتوافق عليها الجميع وهو ما كان له تأثير شديد على مستوى العالم.
كما يمكن أن يضاف لذلك للكثير من الشهادات التي لا يتسع المجال لذكرها، ولعل منها ما ذكرته التايمز الأمريكية ضمن تقرير لها: "الشارع السعودي متلاحم مع قيادته وأقوال المعارضين لا يمكن ترجمتها لأفعال".
هذا فيما تقول الواشنطن بوست مؤكدة على تلاحم الشعب مع قيادته: "الشارع السعودي يرى المعارضة فئة منشقة ومثيرة للفتن ولا مكان لمطالبها بينهم".
وحول ذلك يقول السفير الأمريكي السابق للسعودية جونسون ليرفند: "العاهل السعودي خط أحمر للشارع السعودي ويحتل لديهم مكانة خاصة وعالية".
ويؤكد على ذلك شهادة عميقة من رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير: "لم أر قط شعبية مماثلة لشعبية الملك عبد الله وأعجبت خلال حضوري إحدى المناسبات الوطنية السعودية بولاء السعوديين للمملكة...".
أما صحيفة إنترناشونال هيرالد تربيون الأمريكية فتصف واقعاً مشرقاً للوطن قائلة: "تتوجه المملكة العربية السعودية نحو مستقبل مشرق حيث يقودها الملك عبدالله المحبوب شعبياً بذهنيته الإصلاحية"، مضيفة: "وباعتبارها مهداً للإسلام وللحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ونظراً لثقلها الدولي في رابطة العالم الإسلامي، فإن السعودية هي القائد الطبيعي للعالم الإسلامي ككل".
الأكيد أن اليوم الوطني لم يعد محصوراً في فكر الاحتفال والمظاهر لكنه في الحقيقة والأهم يتعلق بعمق نقل انتماء الوطن للأجيال القادمة كسلوك وهوية وهي الرسالة الحقيقية التي يجب أن تطلق في اليوم الوطني وتشتعل حتى يوم وطني آخر ولا تتوقف.
:
https://www.youtube.com/watch?v=3o106zoezb8&feature=relatedhttps://www.youtube.com/watch?v=NGUAPx8AhqY&feature=relatedhttps://www.youtube.com/watch?v=-uVm1WsqMz4&feature=related